في قرية مدين ١ حيث الأودية الخضراء كانت قيبلة عربية تعيش في
رخاء من العيش ، و على مقربة من مدين كانت قرية صغيرة ،
اشتهرت بخمائلها وبساتينها . . حتى عرفت بقرية " الأيكة " .
في فترة قصيرة و قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة ازدهرت الحياة في
تلك المنطقة . .
و قد ساعد اعتدال الهواء و تساقط الامطار على ازدهار الحياة
الزراعية و الرعي فعاشت القريتان في بحبوحة من العيش .
كانت قرية " مدين " قليلة السكان و لكن رخاء الحياة ساعد في
تكاثر السكان و أصبحت قرية عامرة بالأسواق و النشاط .
و في تلك القرية و في ذلك الزمان عاش رجل صالح يدعى "
شعيب " . كان شعيب يحب قريته و يحب قبيلته بل أنه كان يحب الناس
جميعاً .
لهذا كان يهتم بشؤون الحياة في " مدين " في قرية " الأيكة " .
و لكن لماذا يبدو على شعيب الحزن ؟ . . لماذا كان الرجل الصالح
يتألم من أجل قومه ؟
كان قوم أهل مدين وثنيين . . فهم يعبدون الأصنام . . يعبدون حجارة
لا قيمة لها و لا دور . . و لكنهم يتصورون أن هذه الحجارة و هذه التماثيل
المنحوتة هي التي ترزقهم و تبارك قريتهم .
لهذا كان سيدنا شعيب حزيناً . . فهؤلاء الناس لا ينظرون الى السماء . .
الى الكون الفسيح الى الفضاء المليء بالنجوم . لا ينظرون الى الأرض . . الى
الجبال الى الاشجار كيف تخرج من قلب التراب . .
لو فكروا قليللاً . . لو تأملوا لعرفوا ان هذه الاصنام و هذه التماثيل
الجامدة لا شأن لها و لا يمكن أن تكون إلهاً .
ان الإله الوحيد هو الله سبحانه الذي خلق كل شيء . . خلق الناس و
النجوم و الأشجار و كل ما تراه عيوننا و ما ندركه بعقولنا . .
من أجل هذا كان سيدنا شعيب يدعوهم الى عبادة الله الواحد و نبذ
الأصنام و الأوثان .
الغش في الأسواق
الله سبحانه رزق الناس كل شيء . . و أهل مدين كانوا يعيشون
حياة رغيدة ، فقد كان كل شيء متوافرًا في أسواقهم . . ولكنهم كانوا
يغِشون في معاملات البيع و الشراء ، كانوا ينقصون في الوزن ويغِشون
البائع و المشتري ، فاذا باعوا شيئاً خففوا في الوزن و إذا اشتروا شيئاً
فام يشترونه بعد أن ينقصوا في وزنه .
كانوا يتصورون أنفسهم أحرارًا في هذا العمل .
وفي تلك الفترة اختار الله سبحانه الرجل الصالح شعيباً نبياً وليبلّغهم
رسالته .
فماذا كان موقف أهل مدين ؟ هذا ما سنعرفه فيما بعد .
رسالة ا
كان سيدنا شعيب خطيباً بليغ القول . . ح جته قوية لأنه يتحدث
باسم الحق و العدالة الانسانية . . و يتحدث بلغة الفطرة الصافية .
بدأ سيدنا شعيب دعوته الى عبادة الله الواحد و نبذ الاصنام ، ثم
راح يتحدث دوء عن فساد السوق ، و الظلم الذي يرتكبه أهل "
مدين " بعد أن شاع فيهم التطفيف في الميزان .
قال سيدنا شعيب لهم انكم باعمالكم هذه سوف تنشرون الفساد . .
الحياة الاجتماعية تنهض على التبادل . . فكل انسان يعطي ما يفضل عن
حاجته و يأخذ ما يحتاج من ضروريات الحياة .
و هذا التبادل في السوق يحتاج الى أمن عام يحفظ وزن الأشياء و
نوعها و مقاديرها . .
فاذا أشعتم الغش والتطفيف في الميزان و أعطيتم الردئ مكان الجيد ،
و اذا احتلتم على المشتري او البائع ، فان هذا فيه الدمار لكم جميعاً .
كانت كلمات النبي شعيب جميلة جدًا لأا تريد لهم حياة أفضل ،
يريد أن يعيش اهل مدين في قرية عامرة بالخير و الرزق الوفير و الأمن و
الايمان .
كان سيدنا شعيب يعرف ما حلَّ بقوم نوح و قوم صالح و قوم
هود . . يعرف ماذا حلّ بقوم نوح و كيف غرقوا في أمواج الطوفان و
كيف هبت العواصف لتجتث قبيلة ثمود . . و كيف أمطرت السماء
شهباً و نارًا لتحيل " سدوم " و " عامورا " على البحر الميت الى
خرائب . .
قال شعيب لقومه : ألا تنظرون ما حلَّ بقوم لوط هذه خرائب قريتهم
تشهد على ما حلّ م من العذاب لأم عصوا رسول الله اليهم .
الصداع
انقسم أهل مدين الى فريقين ، كان هناك فريق آمن بشعيب و
رسالة الله التي يحملها . . كانوا فقراء مستضعفين .
و كان هناك فريقاً آخر فريقاً يتألف من طغاة أهل مدين و اثريائهم .
و كان هؤلاء يحاربون شعيب و الذين آمنوا به ، كانوا يهددون
شعيب قائلين :
اننا لانفهم ما تقول يا شعيب . . ثم انك ضعيف ، و لولا
رجال من قبيلتك لقتلناك أو طردناك من مدين .
قال شعيب ( عليه السلام ) : اتخافون رجالاً من قومي و لا تخافون
الله سبحانه . . انني لا أريد سوى اصلاح هذه القرية و لا أريد على
ذلك اجرًا . .
انني احذّركم من غضب الله اذا ما ظللتم على فسادكم و غشكم
و عبادتكم للأوثان و ما تقومون به اعمال مشينة في الأسواق من
تطفيف الميزان و المكيال .
قال المستكبرون : اننا أحرار في كل شيء . . احرار في ان نتصرف
باموالنا .
ضحك رجل وثني و قال ساخرًا :
هل أن صلاتك هي التي تأمرك أن نترك آلهتنا و الاّ نتصرف في
اموالنا بحرية ؟!
قال لهم سيدنا شعيب : انا لا ااكم عن شيء ثم ارتكبه . .
ان الحرية ليست في أن يتصرف الانسان ثم يظلم أخاه الانسان .
تصرفوا بأموالكم كما تشاؤون و لكن لا تظلموا الآخرين و لا
تغشوهم ، و لا تطففوا في الميزان و المكيال . .
انتم تعيشون في قرية واحدة . . و عليكم أن تتعاونوا فيما بينكم . . و
أن يحترم كل منكم حرية الآخرين . .
يا قومي استغفروا ربكم و عودوا اليه ان ربي رحيم ودود . .الله
يريد لكم الخير . . و لهذا أرسلني اليكم .
قال بعضهم :
انت رجل مسحور يا شعيب . . اننا لا نفهم ما تقول ابدًا ، و
لولا رجال من اقاربك لقتلناك . . اننا نستطيع أن نفعل ذلك متى أردنا .
عندما رأى شعيب ان قومه يعاندونه و لا يستمعون الى مواعظه
تركهم بعد أن حذرهم ، و قال لهم :
يا قَومِ اعملُوا علَى مكَانتِ ُ كم إِني عامِلٌ فَس وف تعلَمونَ ....
من يأْتِيهِ عذَاب يخزِيهِ .
قالوا و هم يسخرون : اننا نتهمك بالكذب فاذا كنت صادقاً
فأنزل علينا عذاباً من السماء .
قال سيدنا شعيب : سوف تعلمون من الكاذب .
و هكذا تركهم و ذهب الى قرية قريبه هي قرية " الأيكة " .
أصحاب الأيكة
لم يكن سيدنا شعيب من أهل هذه القرية ، كان من أهل " مدين
" ، وعندما وصل شعيب ( عليه السلام ) قرية " الأيكة " وجد أهلها
يعيشون حياة تشبه حياة أهل مدين . .
رأى بساتين مثمرة و قد التفت الاشجار حول بعضها ، و رأى
خيرًا وفيرًا ، فالعيون تتدفق من قلب التراب . . و الصخور ، و تسقي
الحقول و لكنهم أيضاً كانوا يعبدون الاصنام و يغِشون في معاملات
البيع و الشراء .
لهذا قال لهم سيدنا شعيب :
ألا تتقون الله و تخافون غضبه ؟ انني اخاف عليكم من عقوبة
الله . . ان الله لا يحب الفساد و لا يحب الأشرار . . فلا تعثوا في
الارض مفسدين !
رفض أهل الايكة الايمان برسالة شعيب و قالوا عنه أنه ساحر
كذاب .
قالوا له :
اذا كنت صادقاً فانزل علينا كِسفاً من العذاب .
قال شعيب بأدب عظيم :
ان الله يعلم ما تعملون انني ابلغكم رسالة ربي . . وأن ما أريده
هو الاصلاح ما استطعت .
قالوا :
انما انت ساحر كذاب . . ما هو فرقك عنا أنت بشر مثلنا .
و هكذا عاد شعيب الى مدين و راح أهل الايكة يمارسون حيام
بعيدًا عن الايمان و العدالة و الصلاح .
أما أهل مدين ، فقد بدأ الصراع فيها بين المؤمنين و الوثيين ، لم يكتف
الكفار بعدم الايمان برسالة الله بل راحوا يهددون المؤمنين و يؤذوم . . حتى
وصل الأمر م أن يهددوا المؤمنين بالعودة الى الوثنية .
نصح النبي شعيب قومه الاّ يقطعوا طريق الايمان . . إنه الطريق
المشرق في الظلام ، و ان الله سبحانه لن يغفر لهم ذلك .
و ذات يوم جاء الكفار و قالوا لشعيب :
سوف نطردك و نطرد الذي آمنوا بك و اتبعوك .
قال أحد المؤمنين :
لكنا لم نفعل شيئاً نستحق عليه الطرد ؟!
قال الكفار :
سوف نرغمكم على العودة الى ديننا .
استنكر النبي ( عليه السلام ) و قال :
حتى لو كنا نكره هذه العقيدة ،! كلاّ لن يعود المؤمن الى عبادة
الوثن بعد أن اضاء الله قلبه .
رفع شعيب يديه الى السماء و قال بخشوع :
{ ربنا افْتح بيننا وبين قَومِنا بِالْحق وَأنت خير اْلفَاتِحِين }.
النهاية
اعتزل سيدنا شعيب قومه ، ولكن الوثنيين لم يتركوا النبي و الذين
آمنوا ليعيشوا بسلام .
كانوا يحاولون اعادم الى الوثنية ، و كانوا يؤذوم باستمرار .
كانوا اذا رأوا أحدًا يريد الاقتراب من منزله و الاستماع الى
مواعظه فام يعطعون الطريق عليه و يهددونه .
و كان سيدنا شعيب يذكرهم بمصائر الامم السابقة ، يذكرهم
بمصير الذين كانوا يؤذون الانبياء و يحاربون المؤمنين .
لقد رأوا خرائب سدوم و عامورا ، و لكنهم لم يعتبروا من ذلك
المصير الرهيب الذي حلّ بقوم لوط !
و جاء اليوم الموعود . . بكر الناس الى أعمالهم ، بعد أن ركعوا و
سجدوا للاوثان و الحجارة . .
و كانت اسواقهم تسودها ضجة ، و عيوم تبرق بالغش .
كانوا يفكرون كيف يحتالون أكثر ليربحوا أكثر ! و هكذا انقضى
اليوم و غابت الشمس و حلّ الظلام .
مرت ساعات الليل بطيئة متثاقلة .
فجأة اهتزت الأرض هزات مدمرة و كانت لحظات رهيبة تحولت
فيها مدين الى انقاض و خرائب .
و عندما يمر المرء بتلك القرية الجميلة فانه سيصاب بالدهشة كيف
تحولت و في لحظات الى اطلال و خرائب ؟!
و كان العجيب في تلك الحادثة أن المؤمنين وحدهم قد نجوا و
خرجوا من القرية بسلام .
أما قرية الايكة ، فقد حلّ فيها عذاب آخر و كان عذاب يوم
الظّلة .
و رأى سيدنا شعيب خرائب القرية فقال بحزن : { يا قَومِ َلقَد
. َأبلَغت ُ كم رِسالاَتِ ربي ونصحت لَ ُ كم فَكَيف آسى علَى قَومٍ كَافِرِين } ١
و عاش سيدنا شعيب بقية عمره في " مدين " و كان عنده قطيع
من الماشية .
و عندما أصبح شيخاً طاعناً في السن تولّت ابنتاه الرعي و كانتا
تعانيان في هذه المهمة خاصة عندما تريديان أن تسقيا قطيع الأغنام ،
لأن الفتاة يمنعها الحياء فلا تستطيع أن تزاحم الرعاة .و ذات يوم جاء
شاب من مصر كان عمره ثلاثين سنة ، انه موسى بن عمران الذي فر
من ظلم الفراعنه و لجأ الى قرية مدين ، فماذاحصل ؟
.
. سورة الأعراف ( ٧ ) ، الآية :
رخاء من العيش ، و على مقربة من مدين كانت قرية صغيرة ،
اشتهرت بخمائلها وبساتينها . . حتى عرفت بقرية " الأيكة " .
في فترة قصيرة و قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة ازدهرت الحياة في
تلك المنطقة . .
و قد ساعد اعتدال الهواء و تساقط الامطار على ازدهار الحياة
الزراعية و الرعي فعاشت القريتان في بحبوحة من العيش .
كانت قرية " مدين " قليلة السكان و لكن رخاء الحياة ساعد في
تكاثر السكان و أصبحت قرية عامرة بالأسواق و النشاط .
و في تلك القرية و في ذلك الزمان عاش رجل صالح يدعى "
شعيب " . كان شعيب يحب قريته و يحب قبيلته بل أنه كان يحب الناس
جميعاً .
لهذا كان يهتم بشؤون الحياة في " مدين " في قرية " الأيكة " .
و لكن لماذا يبدو على شعيب الحزن ؟ . . لماذا كان الرجل الصالح
يتألم من أجل قومه ؟
كان قوم أهل مدين وثنيين . . فهم يعبدون الأصنام . . يعبدون حجارة
لا قيمة لها و لا دور . . و لكنهم يتصورون أن هذه الحجارة و هذه التماثيل
المنحوتة هي التي ترزقهم و تبارك قريتهم .
لهذا كان سيدنا شعيب حزيناً . . فهؤلاء الناس لا ينظرون الى السماء . .
الى الكون الفسيح الى الفضاء المليء بالنجوم . لا ينظرون الى الأرض . . الى
الجبال الى الاشجار كيف تخرج من قلب التراب . .
لو فكروا قليللاً . . لو تأملوا لعرفوا ان هذه الاصنام و هذه التماثيل
الجامدة لا شأن لها و لا يمكن أن تكون إلهاً .
ان الإله الوحيد هو الله سبحانه الذي خلق كل شيء . . خلق الناس و
النجوم و الأشجار و كل ما تراه عيوننا و ما ندركه بعقولنا . .
من أجل هذا كان سيدنا شعيب يدعوهم الى عبادة الله الواحد و نبذ
الأصنام و الأوثان .
الغش في الأسواق
الله سبحانه رزق الناس كل شيء . . و أهل مدين كانوا يعيشون
حياة رغيدة ، فقد كان كل شيء متوافرًا في أسواقهم . . ولكنهم كانوا
يغِشون في معاملات البيع و الشراء ، كانوا ينقصون في الوزن ويغِشون
البائع و المشتري ، فاذا باعوا شيئاً خففوا في الوزن و إذا اشتروا شيئاً
فام يشترونه بعد أن ينقصوا في وزنه .
كانوا يتصورون أنفسهم أحرارًا في هذا العمل .
وفي تلك الفترة اختار الله سبحانه الرجل الصالح شعيباً نبياً وليبلّغهم
رسالته .
فماذا كان موقف أهل مدين ؟ هذا ما سنعرفه فيما بعد .
رسالة ا
كان سيدنا شعيب خطيباً بليغ القول . . ح جته قوية لأنه يتحدث
باسم الحق و العدالة الانسانية . . و يتحدث بلغة الفطرة الصافية .
بدأ سيدنا شعيب دعوته الى عبادة الله الواحد و نبذ الاصنام ، ثم
راح يتحدث دوء عن فساد السوق ، و الظلم الذي يرتكبه أهل "
مدين " بعد أن شاع فيهم التطفيف في الميزان .
قال سيدنا شعيب لهم انكم باعمالكم هذه سوف تنشرون الفساد . .
الحياة الاجتماعية تنهض على التبادل . . فكل انسان يعطي ما يفضل عن
حاجته و يأخذ ما يحتاج من ضروريات الحياة .
و هذا التبادل في السوق يحتاج الى أمن عام يحفظ وزن الأشياء و
نوعها و مقاديرها . .
فاذا أشعتم الغش والتطفيف في الميزان و أعطيتم الردئ مكان الجيد ،
و اذا احتلتم على المشتري او البائع ، فان هذا فيه الدمار لكم جميعاً .
كانت كلمات النبي شعيب جميلة جدًا لأا تريد لهم حياة أفضل ،
يريد أن يعيش اهل مدين في قرية عامرة بالخير و الرزق الوفير و الأمن و
الايمان .
كان سيدنا شعيب يعرف ما حلَّ بقوم نوح و قوم صالح و قوم
هود . . يعرف ماذا حلّ بقوم نوح و كيف غرقوا في أمواج الطوفان و
كيف هبت العواصف لتجتث قبيلة ثمود . . و كيف أمطرت السماء
شهباً و نارًا لتحيل " سدوم " و " عامورا " على البحر الميت الى
خرائب . .
قال شعيب لقومه : ألا تنظرون ما حلَّ بقوم لوط هذه خرائب قريتهم
تشهد على ما حلّ م من العذاب لأم عصوا رسول الله اليهم .
الصداع
انقسم أهل مدين الى فريقين ، كان هناك فريق آمن بشعيب و
رسالة الله التي يحملها . . كانوا فقراء مستضعفين .
و كان هناك فريقاً آخر فريقاً يتألف من طغاة أهل مدين و اثريائهم .
و كان هؤلاء يحاربون شعيب و الذين آمنوا به ، كانوا يهددون
شعيب قائلين :
اننا لانفهم ما تقول يا شعيب . . ثم انك ضعيف ، و لولا
رجال من قبيلتك لقتلناك أو طردناك من مدين .
قال شعيب ( عليه السلام ) : اتخافون رجالاً من قومي و لا تخافون
الله سبحانه . . انني لا أريد سوى اصلاح هذه القرية و لا أريد على
ذلك اجرًا . .
انني احذّركم من غضب الله اذا ما ظللتم على فسادكم و غشكم
و عبادتكم للأوثان و ما تقومون به اعمال مشينة في الأسواق من
تطفيف الميزان و المكيال .
قال المستكبرون : اننا أحرار في كل شيء . . احرار في ان نتصرف
باموالنا .
ضحك رجل وثني و قال ساخرًا :
هل أن صلاتك هي التي تأمرك أن نترك آلهتنا و الاّ نتصرف في
اموالنا بحرية ؟!
قال لهم سيدنا شعيب : انا لا ااكم عن شيء ثم ارتكبه . .
ان الحرية ليست في أن يتصرف الانسان ثم يظلم أخاه الانسان .
تصرفوا بأموالكم كما تشاؤون و لكن لا تظلموا الآخرين و لا
تغشوهم ، و لا تطففوا في الميزان و المكيال . .
انتم تعيشون في قرية واحدة . . و عليكم أن تتعاونوا فيما بينكم . . و
أن يحترم كل منكم حرية الآخرين . .
يا قومي استغفروا ربكم و عودوا اليه ان ربي رحيم ودود . .الله
يريد لكم الخير . . و لهذا أرسلني اليكم .
قال بعضهم :
انت رجل مسحور يا شعيب . . اننا لا نفهم ما تقول ابدًا ، و
لولا رجال من اقاربك لقتلناك . . اننا نستطيع أن نفعل ذلك متى أردنا .
عندما رأى شعيب ان قومه يعاندونه و لا يستمعون الى مواعظه
تركهم بعد أن حذرهم ، و قال لهم :
يا قَومِ اعملُوا علَى مكَانتِ ُ كم إِني عامِلٌ فَس وف تعلَمونَ ....
من يأْتِيهِ عذَاب يخزِيهِ .
قالوا و هم يسخرون : اننا نتهمك بالكذب فاذا كنت صادقاً
فأنزل علينا عذاباً من السماء .
قال سيدنا شعيب : سوف تعلمون من الكاذب .
و هكذا تركهم و ذهب الى قرية قريبه هي قرية " الأيكة " .
أصحاب الأيكة
لم يكن سيدنا شعيب من أهل هذه القرية ، كان من أهل " مدين
" ، وعندما وصل شعيب ( عليه السلام ) قرية " الأيكة " وجد أهلها
يعيشون حياة تشبه حياة أهل مدين . .
رأى بساتين مثمرة و قد التفت الاشجار حول بعضها ، و رأى
خيرًا وفيرًا ، فالعيون تتدفق من قلب التراب . . و الصخور ، و تسقي
الحقول و لكنهم أيضاً كانوا يعبدون الاصنام و يغِشون في معاملات
البيع و الشراء .
لهذا قال لهم سيدنا شعيب :
ألا تتقون الله و تخافون غضبه ؟ انني اخاف عليكم من عقوبة
الله . . ان الله لا يحب الفساد و لا يحب الأشرار . . فلا تعثوا في
الارض مفسدين !
رفض أهل الايكة الايمان برسالة شعيب و قالوا عنه أنه ساحر
كذاب .
قالوا له :
اذا كنت صادقاً فانزل علينا كِسفاً من العذاب .
قال شعيب بأدب عظيم :
ان الله يعلم ما تعملون انني ابلغكم رسالة ربي . . وأن ما أريده
هو الاصلاح ما استطعت .
قالوا :
انما انت ساحر كذاب . . ما هو فرقك عنا أنت بشر مثلنا .
و هكذا عاد شعيب الى مدين و راح أهل الايكة يمارسون حيام
بعيدًا عن الايمان و العدالة و الصلاح .
أما أهل مدين ، فقد بدأ الصراع فيها بين المؤمنين و الوثيين ، لم يكتف
الكفار بعدم الايمان برسالة الله بل راحوا يهددون المؤمنين و يؤذوم . . حتى
وصل الأمر م أن يهددوا المؤمنين بالعودة الى الوثنية .
نصح النبي شعيب قومه الاّ يقطعوا طريق الايمان . . إنه الطريق
المشرق في الظلام ، و ان الله سبحانه لن يغفر لهم ذلك .
و ذات يوم جاء الكفار و قالوا لشعيب :
سوف نطردك و نطرد الذي آمنوا بك و اتبعوك .
قال أحد المؤمنين :
لكنا لم نفعل شيئاً نستحق عليه الطرد ؟!
قال الكفار :
سوف نرغمكم على العودة الى ديننا .
استنكر النبي ( عليه السلام ) و قال :
حتى لو كنا نكره هذه العقيدة ،! كلاّ لن يعود المؤمن الى عبادة
الوثن بعد أن اضاء الله قلبه .
رفع شعيب يديه الى السماء و قال بخشوع :
{ ربنا افْتح بيننا وبين قَومِنا بِالْحق وَأنت خير اْلفَاتِحِين }.
النهاية
اعتزل سيدنا شعيب قومه ، ولكن الوثنيين لم يتركوا النبي و الذين
آمنوا ليعيشوا بسلام .
كانوا يحاولون اعادم الى الوثنية ، و كانوا يؤذوم باستمرار .
كانوا اذا رأوا أحدًا يريد الاقتراب من منزله و الاستماع الى
مواعظه فام يعطعون الطريق عليه و يهددونه .
و كان سيدنا شعيب يذكرهم بمصائر الامم السابقة ، يذكرهم
بمصير الذين كانوا يؤذون الانبياء و يحاربون المؤمنين .
لقد رأوا خرائب سدوم و عامورا ، و لكنهم لم يعتبروا من ذلك
المصير الرهيب الذي حلّ بقوم لوط !
و جاء اليوم الموعود . . بكر الناس الى أعمالهم ، بعد أن ركعوا و
سجدوا للاوثان و الحجارة . .
و كانت اسواقهم تسودها ضجة ، و عيوم تبرق بالغش .
كانوا يفكرون كيف يحتالون أكثر ليربحوا أكثر ! و هكذا انقضى
اليوم و غابت الشمس و حلّ الظلام .
مرت ساعات الليل بطيئة متثاقلة .
فجأة اهتزت الأرض هزات مدمرة و كانت لحظات رهيبة تحولت
فيها مدين الى انقاض و خرائب .
و عندما يمر المرء بتلك القرية الجميلة فانه سيصاب بالدهشة كيف
تحولت و في لحظات الى اطلال و خرائب ؟!
و كان العجيب في تلك الحادثة أن المؤمنين وحدهم قد نجوا و
خرجوا من القرية بسلام .
أما قرية الايكة ، فقد حلّ فيها عذاب آخر و كان عذاب يوم
الظّلة .
و رأى سيدنا شعيب خرائب القرية فقال بحزن : { يا قَومِ َلقَد
. َأبلَغت ُ كم رِسالاَتِ ربي ونصحت لَ ُ كم فَكَيف آسى علَى قَومٍ كَافِرِين } ١
و عاش سيدنا شعيب بقية عمره في " مدين " و كان عنده قطيع
من الماشية .
و عندما أصبح شيخاً طاعناً في السن تولّت ابنتاه الرعي و كانتا
تعانيان في هذه المهمة خاصة عندما تريديان أن تسقيا قطيع الأغنام ،
لأن الفتاة يمنعها الحياء فلا تستطيع أن تزاحم الرعاة .و ذات يوم جاء
شاب من مصر كان عمره ثلاثين سنة ، انه موسى بن عمران الذي فر
من ظلم الفراعنه و لجأ الى قرية مدين ، فماذاحصل ؟
.
. سورة الأعراف ( ٧ ) ، الآية :
الخميس يونيو 18, 2009 12:12 pm من طرف زائر
» كلمات اغنية تخيل لحاتم العراقي
الجمعة مايو 29, 2009 11:13 am من طرف الوردة البضاء
» اني عضوه جديدة ارجو الترحيب
الثلاثاء فبراير 24, 2009 6:15 am من طرف عاشقه الضباب
» ممكن نتعرف على الاعضاء الكرام
الثلاثاء فبراير 24, 2009 5:58 am من طرف عاشقه الضباب
» اغنية تامر حسني متوصنيش
الثلاثاء فبراير 24, 2009 5:30 am من طرف عاشقه الضباب
» ادخل واسمع اغنية رووووووعة لنانسي عجرم لمسة ايد
الثلاثاء فبراير 24, 2009 5:26 am من طرف عاشقه الضباب
» صباااااااااااااااااااح الخير
الأربعاء ديسمبر 31, 2008 7:23 pm من طرف al_aned_2_0_0_7
» شعر للبطل العراقي منتظر
الإثنين ديسمبر 15, 2008 2:07 pm من طرف سعد العاني
» السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأربعاء ديسمبر 03, 2008 10:56 am من طرف al_aned_2_0_0_7
» حب وحنان وغزل
الأربعاء نوفمبر 26, 2008 4:34 am من طرف نبعه